التوحيد والجهاد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اسلامي


    الوصية الثالثة

    avatar
    medoo2011
    Admin


    المساهمات : 45
    تاريخ التسجيل : 16/09/2011

    الوصية الثالثة Empty الوصية الثالثة

    مُساهمة  medoo2011 الجمعة أكتوبر 07, 2011 9:39 am

    المسألة الثالثة:-
    أن بعض الناس يصنع الطعام في اليوم الخامس عشر من شعبان ويدعو إليه الناس، أو يوزعه على الجيران والأقارب معتقدا أن لذلك مزية وفضلا ولكني أقول: ليس الأمر كذلك، فلا يشرع فيه صنع الطعام ولا الدعوة ولا الصدقة، بل هو كغيره من الأيام، يصنع فيه من الطعام ما يصنع في غيره وليس له مزية.
    هذه ثلاث بدع يعتادها بعض الناس فأحببت التنبيه عليها.
    والآن نشرع في موضوع المحاضرة.
    يمكن القول إن جميع الدين وصية من الله - عز وجل- كل الدين وصية من الله كما قال الله تعالى: { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } [ سورة الشورى، الآية: 13] هذه وصية عامة { أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } كلمتان اشتملتا على الدين الإسلامي كله وعلى توجيه المجتمع الإسلامي أن يقيم الدين وأن لا يتفرق فيه ومن ذلك قوله تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [ سورة النساء، الآية: 131].
    __________
    (1) البخاري: كتاب الصوم: باب: صوم شعبان: ومسلم: كتاب الصيام : باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان.

    (7/281)


    --------------------------------------------------------------------------------

    لكن سميت هذه الوصايا بالوصايا العشر لأن الله- تعالى- جمعها في مكان واحد وكان يختم كل وصية منها أو كل آية منها بقوله تعالى: { ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ } [ سورة الأنعام، الآية: 151].
    إن الوصية هي العهد بالشيء عهدا مؤكدا، فكأن الله- تعالى- عهد إلينا بهذه الأشياء عهدا مؤكدا محتما علينا فبدأ:-
    بقوله- عز وجل- : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [ سورة الأنعام، الآية: 151]. والخطاب هنا للرسول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمره الله- تعالى- أن يقول هذا القول للناس عموما. وأمر الله- عز وجل- لرسوله أن يقول للناس هذا هو أمر خاص وإلا فإن الله- تعالى- قد أمر نبيه على وجه عام أن يبلغ القرآن لكل الأمة.
    { مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } أي ما حرم ربكم عليكم مخالفته، فهذه الأشياء التي سيوصي بها الله قد حرم الله علينا مخالفتها، فلا بد أن نقوم بها على الوجه الأكمل وفي قوله تعالى: { مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } ولم يقل: ما حرم الله لأن الرب هو الذي له التصرف المطلق في المربوب فالرب هو الرب ويقابله العبد كما قال الله تعالى: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ سورة الفاتحة، الآية:1] فوصف الله نفسه بأنه رب للعالمين كلهم، والرب هو الذي يملك أن يتصرف فيهم بما شاء من الأمر الكوني والأمر الشرعي.

    (7/282)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الوصية الأولى {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}
    أي أن لا تجعلوا معه شريكا والنهي عن الشرك بالله يشمل ثلاثة أقسام :-
    القسم الأول النهي عن الشرك به في ربوبيته.
    القسم الثاني النهي عن الشرك به في ألوهيته.
    القسم الثالث النهي عن الشرك به في أسمائه وصفاته.
    القسم الأول: الشرك في الربوبية :
    من المعلوم أن الله- عز وجل- هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ } . [سورة فاطر، الآية: 3] أبدا الخالق هو الله وحده ولهذا حرم الله- عز وجل- أن يخلق أحد مثله ولو بالصورة كما قال النبي- عليه الصلاة والسلام- في المصورين: انه يقال لهم: أحيوا ما خلقتم فلا يمكن أن يشرك بالله في خلقه أو ملكه أو تدبيره فمن اعتقد أن لله- تعالى- مشاركا في الخلق فقد أشرك به. لو قال: إن هذا بمقتضى الطبيعة وهذا بمقتضى الزمن وهذا بكذا وكذا مما يضاف إلى غير الله فإنه مشرك بالله ومن العجب أن هذا الشرك أعني الشرك في الربوبية لا يذهب إليه، ولا الكفار الذين قاتلهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الكفار الذين قاتلهم النبي- عليه الصلاة والسلام- هل كانوا يشركون في الربوبية؟ الجواب: لا. { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } [ سورة الزخرف، الآية: 9]. ويقرون بأن الله هو الخالق ولكن يوجد في عهدنا هذا من يكابر وينكر الخالق ويدعي

    (7/283)


    --------------------------------------------------------------------------------

    والعياذ بالله أن هذا الكون ليس له مدبر وليس له خالق وإنما هي أشياء تتفاعل ويتولد بعضها من بعض وأرحام تدفع وأرض تبلع وليس هناك خالق. ولكن عجبا لهؤلاء كيف ينكرون أن يكون للعالم خالق وهم يعلمون أنه لا يمكن أن يوجد الشيء بلا موجد هل يمكن أن يوجد الشيء بلا موجد؟ أبدا لأنه إما أن يقال: أوجد نفسه أو وُجد بلا موجد والأول ممتنع لا يمكن أن يوجِد الشي نفسه لأنه قبل الوجود كان عدما والعدم ليس بشيء فضلا عن أن يوجِد شيئا ولا يمكن أن يوجَد بلا موجِد ولهذا قال الله- عز وجل- : { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } [ سورة الطور، الآية: 35]. إذا فلا بد من موجد وهو الله- عز وجل- هو الذي أوجد هذا الكون وخلقه بقدرته ودبره بحكمته.
    من الشرك في الربوبية أن يحلف الإنسان بغير الله لكنه شرك لا يخرج من الملة إلا أن يعتقد الحالف بأن المحلوف به له من العظمة ما لله- عز وجل- فيكون شركا أكبر وإلا فهو من الشرك الأصغر ودليل ذلك قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك » (1) وقال- عليه الصلاة والسلام- : « من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت » (2) لكن لو قال القائل: ورسول الله. وحلف بالرسول- عليه الصلاة والسلام- وقال: إن رسول الله هو أعظم الخلق فلماذا لا يجوز القسم به ؟
    __________
    (1) الترمذي: كتاب النذور والأيمان: باب في كراهية الحلف بغير الله: وقال: حديث حسن وأبو داود: كتاب الأيمان والنذور.
    (2) رواه البخاري: كتاب الشهادات: باب كيف يستحلف : ومسلم : كتاب الأيمان : باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى.

    (7/284)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فالجواب: إن أعظم الخلق هو الذي قال: « من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك » فيكون الحلف بالنبي من الشرك .
    فإذا قال إنسان: إن بعض الناس يجري على لسانهم هذا القسم يقول : "والنبي" بدون قصد ، فالجواب: أن نقول : إذا كان بغير قصد ، فإنه يلزمه أن يطهر لسانه منه، وأن لا يعود نفسه على هذا القسم المحرم حتى يتخلص منه.
    من الشرك بالربوبية أن يتخذ الإنسان أندادا يشرعون تشريعات تخالف شرع الله، فيوافقهم فيها مع علمه بمخالفتها للشريعة، ولهذا ترجم الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله - ترجم على ذلك في كتاب التوحيد بقوله : " باب من أطاع العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله فقد اتخذهم أربابا" فإذا وجد قوم يتبعون القوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية مع علمهم بمخالفتها للشريعة فإننا نقول: هؤلاء قوم مشركون لأنهم اتخذوا حاكما يحكم بين الخلق غير الله -عز وجل- ومن المعلوم أن الحكم بين الخلق من مقتضيات الربوبية فقد اتخذوهم أربابا من دون الله ولهذا يروى « من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله تعالى { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ } قال : يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم قال: " أليس يحلون ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه" قال: نعم يا رسول الله قال: " فتلك عبادتهم » (1) فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا من الشرك ولهذا منع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طاعة ولي الأمر في معصية الله منع من أن يطاع أحد من الخلق في معصية الله. فقال عليه الصلاة والسلام « إنما الطاعة في المعروف » . فقد « أرسل سرية وأمر عليهم رجلا وقال لهم:أطيعوا أميركم »
    __________
    (1) الترمذي: كتاب التفسير : تفسير ابن كثير سورة التوبة آية :" 31 ".

    (7/285)


    --------------------------------------------------------------------------------

    « فغضب عليهم الأمير ذات يوم وقال : اجمعوا لي حطبا فجمعوا حطبا ثم قال : أوقدوها النار فأوقدوها النار ثم قال : ادخلوا فيها " . طاعتهم في جمع الحطب صحيحة، وطاعتهم في إضرام النار صحيحة. لكن لما قال : ادخلوها توقفوا وقالوا : كيف ندخل في النار ونحن لم نؤمن إلا فرارا من النار فامتنعوا ولم يدخلوها فلما رجعوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخبروه الخبر قال: " إنهم لو دخلوا فيها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف » (1) إذًا متابعة الكبراء في مخالفة شريعة الله من الشرك بالربوبية لأن الحكم بين الناس من مقتضيات الربوبية والسلطان.
    القسم الثاني: الشرك في الألوهية :
    وهذا هو الذي يكثر بين الناس، وهو الذي كان عليه المشركون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام. فكيف يكون الشرك في الألوهية؟
    يتخذ الإنسان مخلوقا من المخلوقات يعبده ويتآله إليه كما يعبد الله - عز وجل - يسجد للصنم يسجد للشمس يسجد للقمر يسجد للقبر يسجد للكبير يسجد لأبيه يسجد لأمه.. وهكذا.
    المهم أن يتعبد لمخلوق، نقول: هذا شرك في الألوهية لأنه اتخذ هذا المعبود إلها يعبده من دون الله.
    ومن ذلك: هؤلاء الذين يذبحون القربان للقبور يذبح عند القبر قربانا ليتقرب به إلى صاحب القبر يعظمه بالذبح كما يعظم الله تعالى بالذبح هذا أيضا من الشرك الأكبر المخرج عن الملَّة لأن الله يقول: { أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا }
    __________
    (1) البخاري: كتاب الأحكام: باب السمع والطاعة. ومسلم : كتاب الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء..

    (7/286)


    --------------------------------------------------------------------------------

    [ سورة الأنعام، الآية : 151]. وهذا الشرك هو الذي دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشركين إلى نبذه. ولما أبوا قاتلهم فاستحل دماءهم وسبى ذريتهم وغنم أموالهم لأنهم مشركون.
    هل تعلمون أحدا دعا إلى عبادة نفسه من البشر؟ نعم، فرعون دعا إلى عبادة نفسه وقال لقومه: { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي } [ سورة القصص ، الآية :38] يقول ذلك وهو يكذب فهو يعلم أن هناك إلها غيره، ولهذا قال له موسى { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ } [ سورة الإسراء ، الآية : 102] ولم ينكر فرعون.
    موسى كان يخاطبه بهذا ولم ينكر بل أقر وكان هو وقومه يقرون بذلك كما قال تعالى : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } [سورة النمل، الآية: 14].
    القسم الثالث: الشرك في أسماء الله وصفاته:
    الشرك في أسماء الله وصفاته : أن يجعل الإنسان لله مثيلا فيما وصف به نفسه كلنا نقرأ { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [ سورة طه، الآية: 5]. والعرش مخلوق عظيم لا يعلم قدره إلا الله جاء في الحديث: " « أن السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض. وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة » . إذًا مخلوق عظيم اختصه الله عز وجل بالاستواء عليه.
    هل أنت أيها الإنسان تستوي على الفلك؟ تستوي على البعير ؟
    تستوي عليه استمع { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ } [ سورة الزخرف، الآيتان:12- 13].

    (7/287)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقال الله تعالى لنوح : { فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [ سورة المؤمنون: الآية: 28].
    لو قال قائل: إن استواء الله على عرشه كاستوائنا على الفلك أو على البعير، نقول : هذا مشرك لأنه جعل صفة الخالق كصفة المخلوق فجعل لله تعالى شريكا في الصفة ولكننا نقول: نحن نؤمن بأن الله استوى على العرش لكن بدون تمثيل لا مثيل لاستوائه كما لا مثيل لذاته - عز وجل - وهكذا بقية الصفات. إذًا من أثبت الصفات مع التمثيل فهو مشرك لأنه شرك بين الخالق والمخلوق في الصفة.
    لكن ما تقولون فيمن نفى حقيقة الصفات هل يكون ممثلا؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : كل معطل ممثل، كل من عطل فقد مثل.
    الذي ينكر الصفات هو منكر وممثل قد يقول قائل : كيف يكون منكرا وممثلا لأن التمثيل إثبات والإنكار نفي وهل هذا إلا جمع بين النقيضين؟ نقول : استمع، لماذا عطل المعطل صفات الله؟ لأنه اعتقد أن إثباتها يستلزم التمثيل قال: أنا لو أثبت الصفة إذًا أثبت التمثيل إذًا يجب أن أنكر حقيقة الصفة لأسلم من التمثيل فمثل أولا وعطل ثانيا

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 8:42 pm